Top Ad unit 728 × 90

قراءة في شعر علي الزهيم الاستاذ محمد الوافي

قراءة نقدية في ديوان الشاعر علي الزهيم تقديم الشعر ديوان كل امة ففيه يحفظون أمجادهم ويدونون تاريخهم ويحمون ما تأصل من لغتهم ، فكذلك الشعر الامازيغي الذي احتفظ بالكثير من البنيات اللغوية والادبية بل انه قدم تصورا عميقا عن طرق عيش الأولين وطبائعهم وصفاتهم تخاطبهم وتواصلهم ، ولعل الدارس للشعر الامازيغي والملم بتفاصيله يستطلع مدى ثراء هذا المكون اللامادي باحتوائه على زخم كبير من التصورات الاجتماعية والنفسية والبنيات التركيبية للمجتمع الامازيغي وقدرة شعرائه على توليد الخطابات الادبية المفعمة بالشعرية في اغراض مختلفة وفي ظروف تاريخية معظمها كان عصيبا. في هذه المقاربة النقدية لا يمكن الاحاطة بكل جوانب القصائد ولا القضايا التي تطرحها ولكن لابأس ان نسلط بعض الضوء على ما تيسر من جوانب وفق منهجية تقترب كثيرا من منهجيات التحليل المعتمدة في بعض مستويات التعليم الثانوي . شاعرنا شاعر متميز له بصمته في تركيب المعاني وتأليفها وفق رؤية يغلب عليها الطابع الذاتي الوجداني ، له حضور نقدي ونظرة وازنة في توصيف الظاهرة الادبية فهو من الفئة الاولى التي تجري بالكلمات بطريقة رمزية وتبلغ بها مبلغا يستدعي التأمل والتركيز وقد صدق الذي قال : فالشعراء فاعلمن اربعة شاعر يجري ولا يجرى معه وشاعر يخوض وسط المعمعة وشاعر يستحق أن تسمعه وشاعر لا تستحيي أن تصفعه. علي الزهيم شاعر من الشعراء القلائل الذي يكتبون الشعر الامازيغي وفي قلوبهم حرقة الماضي الاليم ووعي بمتطلبات الحاضر ووتصور لدرء إكراهات المستقبل . انواع القصائد تندرج قصائدنا اليوم التي نحن بصدد السبر في ديوانها الانيق داخل خانة القصيدة المعاصرة المغناة التي تطرق اذن القارئ بمفتتحات ايقاعية " تلاليت " او تدينانت" معلنة عن افتتاح سمر غنائي يوتوبي جميل ،والظاهر أن شاعرنا يكتب ليلا فمعظم مطالع ابياته بحروف مهموسة تحقق صفة الهمس وتبتعد عن كل معكر يعكر صفو الالهام الشعري عند شاعرنا البليغ علي الزهيم ، فما أحوجنا الى الانصات الى كل مبدع يلفظ بيانا و تنفث توابعه سحر النسق الى ساعة الفلق ، دلالة العتبات قراءة في الغلاف عتبة الصورة العنوان يسُل عنوان الديوان سيف الممانعة ويتنفس مع المتلقي انفاس المستريح من معركة ، انها استراحة المحارب الجلوي الذي خاض صفوف الكلمة الراقية بعزمه ، عنوان حقق اضافة اسنادية " اشبار ءيولوين " تركيب مجازي عميق يكون لوحده رسالة مختصرة ترسلها الذات مقتفية بها مسامع نخبوية تُصغي ثم تبتسم ثم تمضي ، إنه الاثر الذي نفترض ان يكون الشاعر قد رسم معالمه واتخذه هدفا ليؤسس به مشروعا اراه حسب تواريخ القصائد في الديوان يمتد من مطلع تسعينيات القرن الماضي . وكلنا نعلم الثورة الفكرية والنهضة التي كانت في تلك الفترة رغم كل الاكراهات الايديولوجية والسياسية التي كانت ، لا ارى في تلك الفترة الا مخاضا عسيرا لمولود جبار نعت بعد ذلك بعدة اسماء ولم يستطع المولود الذي اصبح شابا ان يستقر اباؤه على اسم ...انها المسألة الامازيغية التي قطعت اشواطا واكتسبت مناعة خاصة ضد كل انتهازي وصولي اختصرها في مكاسب ذاتية، وهذا ما سيتراءى للقاري عند قراءته لقصيدة " نسقسا ءيغرمان " التي وجه فيها الشاعر علي الزهيم رسالة الى كل من ساهم في بناء حضارة الامازيغ في مختلف المحطات. قلنا إن العنوان مركب من لفظين يحمل دلالة رمزية ومجازية الا أن اللفظين متكررين داخل ثنايا قصيد الديوان ، فنجد كلمة أشبار في كل من قصيدة " توكا " ءيضر واشبار لامان " أشبار لوقر " ايهايا أ تشبارين " ونجد اللفظ الثاني تتشاطره الكثير من قصائد الديوان باعتباره حقلا دلاليا عميقا يؤسس مجرى للينبوع الشعر عند الاستاذ علي الزهيم ، وكثيرا ما يكون مكونا من مكونات عناوين القصائد أو يحتل حيزا في الابيات أو السطور مثل قصيدة " أوال " توزانت أوال " طرزي ن واوال " تويم أسونكم " لبريح ن أرقاص " وقد جاء الشق الثاني من العنوا ن في انساق وجمل خبرية خرج الخبر فيها عن مقتضى الظاهر ليدل على معان اخرى حيث كان اشدها ماء على ظهر الغلاف الذي جاء قصيدة شعرية اذ يدل على التيئس حيث استبعد الشاعر عودة الحكمة وجوع المعاني الراقية . فاذا كان الشق الاول من العنوان يحمل معنى القدرة والصمود على المواجهة ويحمل معاني الاستطاعة والندية فان الشق الثاني يجمع كل معاني الكلام الراقي المفيد وان كان استعمال هذا المعنى " ءواليوين" يطلق على النظم والشعر والحكمة فان فيه شيئا من المواجهة بالهجاء او الرمز والايحاء . العنوان الفرعي يأتي العنوان الفرعي باعتباره عنصرا مكملا في التلقي ليعضد العنوان الرئيس ويوجه الى مساحات من الرقة والعذوبة " تدلا ن ءومارك أمازيغ " صورة الغلاف صورة تشكلية بالوان باردة تجسد في نظري مجهولا يستحيل الوصول اليه ، فاللوحة تقترب كثيرا من المدرسة التجريدية التي تسعى الى استخلاص الجوهر من الحقيقة ، وقد حصل التطابق بين القصائد واللوحة في المساحات الواسعة التي يقدمها كل من الطرفين وهي كلها مساحات من التأمل المقرون بالترجي والتمني ، وفي قراتي لقصيدة " ءيمانارن " اجد نفسي تائها في باحات من الامل المخلوط بالاسى ، انها الذات الشاعرة التي تريد ان تثور على نفسها على وقع الجراح و الصمود . الصورة الشعرية معجم الديوان وحقوله الدلالية حقل الطبيعة لعل قارئ الديوان سلمس جليا هيمنة بعض الحقول الدلالية على لغة هذه النصور ولعل الحقل الدلالي المسيطر نجده عبارة عن بنية بلاغية انزياحية تستثمر الطبيعة وعناصرها بل تستجديها أن تنطق في كثير من الاحيان باضفاء سيمات وصفات انسانية عليها ، انها الانسنة الناطقة داخل افعال كلامية تكتف الوعي بالموضوع وتجعله قائما على جمالية الطبيعة في سحرها الاصيل الرباني فنجد طغيان الالفاظ التالية وما ينتمي الى بؤرتها مثل : تافوكت تاغلاغالت ، اسيف تاكانت ، طرزي ، تامدا ن ، تايافوت ، يقترب منه معجم فلاحي تدل على بيئة لصيقة مخيلة الشاعر : اخماس ـ تيرام ـ ءيكر ـ يكران ـ ماف ءمان ـ روا ..... 2 1 حضور الحقل الديني من بين الحقول المرصودة بجلاء داخل الديوان ، الحقل الديني الذي ينبع من المكون الثقافي والاجتماعي للشاعر فشاعرنا متشبع بالقيم الدينية فبيئته الجلاوية المحافظة و طبيعة دراسته ظاهرة بقوة في شعره : ءوزوم ـ رمضان ـ الشرع ... رغم رونق المعاني الا انها جاء معظمها أو جلها في نسق حزين متألم ، فشاعرنا تطارده هواجس ذاتية نابعة من تغير أحوال المجتمع وسيادة قيم فاسدة تتنكر لكل ما هو جميل. رسائل الديوان وقضاياه الجوهرية تتجلى علاقة الشعر بالذات الشاعرة من خلال الرسائل الذاتية التي تتموقع وتلف حول نفسها لكي تعطي رأيا او تجسد انطباعا ، وتضع مخاطبا محتملا نصب عينيها ، وأول رسالة وجها الشاعر وفق الترتيب الكرونولوجي للقصائد هي رسالة عنونها بما يلي رسالة الذات الشاعرة نفسها ، عنونها الشاعر " كيخ ءاك ءينا " مخاطبا ضميرا غائبا حاضرا ، وموجها الخطاب الى الذات في تجلياتها الوجودية ، انفصام وجداني القصد منه توجيه الرسالة التالية " الى من لا يغيب عن الذهن ، همي " هذا الهم الذي طالما صاحبا شاعرنا الذي اتخذه طاقة ايجايبة وحافزا لقول الشعر والتنفس بالكتابة والشعر ، ولسانه حاله في هذه القصيدة انه يقول " اني اتنفس شعرا " معتمدا معجما طالما صاحب ارباب الصدود والجفاء في شعر الغزل ، انه معجم الالم وكأن الشاعر يحمل هما مركبا فيه بقايا الماضي وشيء من المستقبل . " الى ضحايا الوعود الكاذبة والذين جعلوا يونيو 1993 بداية لمأساتهم ." قصيدة " ء يكيك ن ءوزاواك " تجسد كل معاني التضامن وتحمل رسالة الوعي بالمسألة الشبابية التي انهكها واقع مرير أثقلته البطالة وضبابية الافق . في الرسالة الثانية يتوجه الشاعر من خلال قصيدة " تافوكت " برسالة الى المعتزين بهويتهم كما هي اي الى الانسان العادي المجرد من كل نظرات المزايدة على قضيته ، فصير الشاعر هذا الاحساس الى نوع من المونولوغ الداخلي الى ذات خفية تحكي اسرارا وحكايات بين اشعة الشمس والتربة الباردة ، كثيرة هي الرسائل غير المعنونة داخل ثنايا الديوان ، لم يتبين الشاعر بعد عناوينها حتى يتسنى أن يرسلها كقصيدة " مامنك ءاكن توخ " ؟ قصيدة تدعو الى الاعتصام والاتحاد وتبحث في كل وجوه الموجودات عن معاني الإخاء . تأتي قضية المرأة في صلب اهتمامات الشاعر علي الزهيم فقد خص لها قصيدة داخل الديوان بعنوان " تانالين " وفيها وضع اليد على جرح غائر ثم اطلق بعد ذلك صرخته الشعرية من قلب زاوية أكلو صرخة لا يسمعها الى كل من عاشت أمه قهر الرجال وتقلبات الاحوال ، تحضر المرأة بأشكال مختلفة داخل كل القصائد اد ان البنية الدالة في اللسانيات الامازيغية السوسية تعتمد كثيرا على الفونيم تاء الذي يدل على المؤنث في كثير من اللغات ، فالأمازيغية تبتدأ به وتنتهي به في كل لفظ مؤنث بينما تنتهي به العربية في الاسماء وقليلا ما تبدأ به في الاسماء " تقرأ " قرأت . جاءت قصيدة " ضوفات ءيكران " لتزكي الرؤية الذاتية التي رسمناها واسندناها للشاعر ففيها مازج الشاعر بين كل من حقل الطبيعة وحقل الدين فشكل بذلك ممانعة في الراي فانتج خطابا حجاجيا مستعملا اسلوب القسم واسلوب الامر والتشبيه ليرسم ملامح المرأة الحرة النبيلة الحافظة على شرفها والرافضة لكل اساليب الاستمالة والاغراء . رسائل مرتبطة بالفن والابداع احتفل الشاعر داخل الديوان بمرور عشرين سنة على وفاة الرايس الحاج محمد البنسير(1940/1989) رجل خلف ارثا فنيا عظيما لابد أن تكون له مكانة وحضوة عند شاعرنا الزهيم الذي خصه بمرثية رائعة بعنوان " ياك ءايزمز " ولكنها ليست ككل المرثيات انها احتفاء بروح الكلمة الراقية تخليد لنشوة الشعر لدى شاعر فريد يسمى ألبنسير ، تحملنا هذه المرثية النوعية الى اهداء اخر هذه المرة الى روح قريبة الى صاحب الحكمة والرزانة كما عبر الشاعر علي الزهيم الى الفنان مولاي عبد الكبير شوهاد شاعراسدى للشعر الامازيغي خدمات كبيرة لا يدركها الى من تذوق الاشعار الجميلة التي ابدعها ووضعها أساسا لانطلاق مجموعة فنية ذات اسلوب خاص انها مجموعة ارشاش التي صاحبها الاستاذ الزهيم بالنقد والدراسة ورصد معالم هذه المدرسة الشعرية وجمع الكثير من الصور الشعرية الابداعية ووقف عندها بالدراسة والتحليل من خلال كتاب " الشهد الشعري في الشعر الشوهادي " عنوان جميل لكتاب يستحق القراءة . ءاشبار لوقر قصيدة خطتها أنامل شاعرنا الزهيم داخل سور هذه المؤسسة العتيدة سيدي وكاك يومي 20 و21 من شهر فبراير لسنة 2009 م يتحدث فيها الشاعر عن ضرورة سيادة الاحترام واعتباره الية للتواصل فاالاحترام يعزز شخصية من يعمل به ويجعلها متعالية تكبر في عين الاخرين ، فارقى انواع صور التعامل والتواصل هي حالة يكون فيها الاحترام والتزام الحدود متبادلا ، فالاحترام عند الشاعر تجل من تجليات السلم الاجتماعي الذي تنطلق منه كل الاعمال والمبادرات. يظهر ان الشاعر لا يفوت المناسبات العظيمة ولا الاحداث الجللة دون ان يقف عندها ببعض من قريض شعره وهذا ما نلمسه في قصيدة موجهة الى شهداء الفيضانات من خلال قصيدة ءيكيك ن الصيف " عنوان له اكثر من معانى وتتشابك المعاني داخل القصيدة على شكل انزياحات ولدت مخاضا شاقا انينه التضامن واهات الصمود والتشبث بالارض . لا يمكن ان نغفل الشاعر الاستاذ الذي يهتم بقضايا التعليم وشؤون المدرسة المعاصرة ، انها قضايا تقض مضجع الاستاذ الزهيم الذي نرى في اخر ديوانه قصيدة " نسوتن خ تاسا" التي ضمنها الشاعر بعضا من ابيات الرايس احمد امنتاك مخاطبا فلدات الاكباد في كل مكان عبر كوكبة من التلاميذ الذين عينهم الشاعر وخصهم بهذه القصيدة الفريدة. لم يفوت شاعرنا الفرصة دون التحدث في موضوع العصر موضوع الوباء الذي اوقف نبض العالم وجعل الناس يحاكون من جديد قصة الصرصار والنملة ، قصيدة " ءيزماز ن مرشيش " تعود بنا الى قصائد زمن البون والمجاعة ، الحديث عن الجوع والحرمان في زمن كثر فيه المستضعفون وقلت فيه موارد رزقهم خاتمة ديوان اشبار ءيوالوين " يزيد امتدادا كلما زاد تنوع القراءة ، يراه الناقد الادبي تجربة ابداعية شعرية راقية ويراه المؤرخ شهادات شعرية على العصر ، وكل يراه حسب منظوره الخاص ، فهو ديوان متميز وجميل ، لبنة من لبنات مكز اكلو للبحث والتوثيق وايقونة ايبداعية تزين المكتبة السوسية وتقول بصوت عال انه للشعر اربابه فهو مازال حيا بيننا يحمله امثال الاستاذ علي الزهيم الذي نتفتخر بوجوده بيننا في هذه البقعة السعيدة من بلدنا الحبيب ، وليس هذا بجديد عن بلدة مثل أكلو التي طالما انتجت عظماء في كل المجالات.
قراءة في شعر علي الزهيم الاستاذ محمد الوافي Reviewed by هيئة التحرير on 3:48 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.