الرأسمالية وجوانبها الخفية ـ ذ محمد الوافي

  

أصبحت المرجعيات السياسية اطارا تقعيدا تعتمده كل مجموعة ترى في نفسها بعض التميز عن الاخرين في شكل أحزاب أو هيآت أو لوبيات تسعى الى بسط أفكارها وترجمتها الى أفعال ومنجزات وفق سياسة واضحة المعالم توجه الفعل الاقتصادي نحو التنمية الاجتماعية، يشير مصطلح الرأسمالية بشكل عام إلى نظام اقتصادي تكـون فيه وسائـل الإنتاج بشكل عـام مملوكـة ملكة خاصة أو مملوكة لشركات  ومؤسسات تعمل وفق شروط  يكون فيها هاجس الربح أكثر حضورا ، حيث يكون الانتاج     و التوزيع، وتحديد الأسعار محكوما بنظامي العرض والطلب، وقد ظهرت مجموعة من الدراسات الأكاديمية تسلط الضوء على هذه المفاهيم الاقتصادية وتبين بجلاء التطور الحاصل فيها.

 أشار " كارل ماركس " الى ما سماه بالحتمية التاريخية التي كانت فيها الرأسمالية ثمرة التطور الصناعي والنقلة النوعية الحاصلة في وسائل الانتاج التي كانت غائبة في العصر الاقطاعي ، فظهرت مجموعة من الوسائل المتطورة  في " الثورة الصناعية" التي سادت فيها المكننة وتراجع العمل اليدوي ، ولم تعد للعامل تلك القيمة نفسها ، فتمكت الرأسمالية من بسط كل أطرافها القوية عقب التوسع العظيم في الانتـاج ، ساعدها ذلك التوسع الامبريالي من خلال مجموعة من الشركات الاحتكارية التي كانت تسعى لبسط سيطرتها على العالم من خلال التسويق الشرس لمنتجاتها، فكان ذلك سببا لبدايـة مجموعـة من الحمــلات العسكرية لتأميـن الاســواق الدولية، والرفع من نسبة الطلب والاستهلاك ، فكانت الفترة الاستعمارية تجل من تجليات القوة الاقتصادية ،فرغم استقلال الكثير من الدول إلا ان تلك التبعة الاقتصادية مازالت موجودة بفعل قوة هذه المؤسسات التي كانت لها اليد في تمويـل العديد من الانقلابات العسكرية في الخمسينات والستينات خصوصا في دول أميركا اللاتينيــة بهدف الحفاظ على هيمنتها وتعزيز وجودها، .....ثم تطورت هذه الاستراتيجية الى اشكــال أخــرى للسيطرة جعلت الأنظمة الرأسمالية تؤمن بالفكر الليبرالي... جاء مفهوم "الديمقراطية" ذلك، ليضع حدا  لسطوة ذوي المصالح فأشعل بعض الآمال في نفوس المعارضين والمضطهدين وخلق اليوم دينامية نوعية في الكثير من المجتمعات التي استطاعت أن تكسب الرهان برفع نسبة المشاركة في الانتخابات والايمان بالبرامج الحزبية التي مازال بعضها ينحو منحى المقولة الفرنسية ( دعه يعمل دعه يمر )  الشعار المثالي للرأسمالية التي تعمل على حرية التجارة و نقل البضائع و السلع بين البلدان  دون قيود جمركية، فأصبحت هذه المقولة مجال تحليل للعلوم السوسيواقتصادية في الوقت الذي مازالت فيه الشيوعية تؤمن بتمسكها المفرط بالحد من الملكية الخاصة التي تراها سببا في السطوة و الاستغلال ، لأنها ترى في الرأسمالية استحواذا للطبقة البورجوازية واستضعافا للطبقة العاملة التي اصطلح عليه كارل ماركس بالبروليتاريا.